المعارضة الكويتية بين عهدين: قراءة في مشروع الإصلاح الوطني

المعارضة الكويتية بين عهدين: قراءة في مشروع الإصلاح الوطني
المعارضة الكويتية بين عهدين: قراءة في مشروع الإصلاح الوطني
حجم الخط شارك طباعة

قسم الدراسات | منذ 2022/01/22 20:01:51

أعلن ائتلاف للمعارضة بقيادة "مسلم البراك" و"مبارك الوعلان" عن مشروع وطني للإصلاح يتضمن العمل على تطوير العمل السياسي، وتعزيز الحريات، وتعديل عدة قوانين لتعزيز الشفافية ومكافحة الفساد. ويتضمن المشروع الذى أعلن عنه قبل أسبوع عدة محاور أهمها: تعزيز استقلالية القضاء، الإصلاح الاقتصادي، الخدمات، قضية البدون، واستكمال ملف العفو عن أصحاب الرأي.

وقال النائب السابق "مبارك الوعلان" الذي استضاف المؤتمر الصحفي في ديوانه، إن "فريقاً من الشباب الوطني وضع محاور وملفات تشريعية نعتقد أنها ستساهم في عملية الإصلاح المأمولة". فيما أشار الناشط السياسي "محمد البليهيس" إلى أن المشروع يتضمن تشريعات تتعلق بإصلاح الوضع الاقتصادي كرفع رسوم أملاك الدولة والضرائب على الشركات وقصر المناقصات على المدرجة في البورصة، مضيفاً أن "المشروع يتضمن إنشاء لجنة عليا للانتخابات وتعديل الدوائر الانتخابية، وتعديل قوانين المطبوعات وإلغاء عقوبة الحبس الاحتياطي".

وفي كلمته بالمؤتمر الصحفي اتهم "مسلم البراك" البعض بالتآمر على اجتماع المعارضة الذي كان مقررا عقده قبل المؤتمر الصحفي وعدم الاستعداد لتجاوز الخلافات الشخصية، دون ذكر أسماء بعينها، وأضاف أن "هناك طرفين متناقضين يعتبرون أنفسهم كتلتين بينهم الذم والقذف والسب، وهم مختلفون في كل شيء واتفقوا على تخريب اجتماع المعارضة الوطني"، مؤكدا على عدم التراجع عن مشروعهم الإصلاحي.

وأبدى رغبته في حضور الاجتماع أحد عشر نائبا هم: صالح الشلاحي، أسامة الشاهين، عبدالعزيز الصقعبي، حمد المطر، بدر الحميدي، محمد الحويلة، سعود بوصليب، مهلهل المضف، عبدالله جاسم المضف، أحمد مطيع، وعبدالكريم الكندري، كما شارك في الاجتماع عدد من النشطاء والنواب السابقين الذين شملهم العفو الأميري الأخير.

وشهدت الساعات الأخيرة قبل المؤتمر الصحفي اعتراضات من بعض الشخصيات المعارضة على حضور شخصيات بعينها، أو عدم دعوة شخصيات أخرى، واعتذار بعض نواب المعارضة بداعي عدم التنسيق معهم. ووفقا لمصادر خاصة بـ"منظار" فإن المعارضة الآن منقسمة إلى ثلاثة اتجاهات، الأول يمثله "مسلم البراك" أو ما يسمى بتيار "حشد" والثاني بقيادة "فيصل المسلم" والثالث على رأسه النائب "عبيد الوسيمي".

وبدأت إرهاصات الاختلاف بين مكونات المعارضة في الظهور قبل ثمانية أشهر، عندما وجّه "البراك" انتقادا علنياً لأداء نواب المعارضة الحاليين في مجلس الأمة، البالغ عددهم 32 نائباً، بعد مقاطعتهم جلسة 30 مارس في محاولة لمنع الحكومة الجديدة من أداء القسم.

وفي سبتمبر الماضي، هاجم عدد من المعارضين في تركيا نواباً آخرين كانوا قد قاطعوا الجلسة التي شهدت التصويت على قانون العفو الشامل، وتفاقم التراشق الإعلامي وزاد تبادل الاتهامات لاحقاً بين أعضاء الكتلة النيابية المعارضة. وكان البراك قد أشار إلى الخلافات في صفوف المعارضة في تصريحات لدى وصوله الكويت، داعياً كتلة المعارضة النيابية إلى "إذابة الخلاف والسير بخريطة طريق واحدة محددة الأهداف".

وفي المؤتمر الأخير وصف البراك شعار رحيل الرئيسين (رئيس الوزراء ورئيس مجلس الأمة)، الذي رفعه نواب في مجلس الأمة بـ"الفاشل"، قائلاً: "جلستم عاماً كاملا تنادون بذلك ولم يتحقق أي هدف للشعب الكويتي ومنها العفو الشامل الذي انتخبكم من أجله أغلبية الشعب الكويتي".

فيما أوضح "الوعلان" أنه مع شعار رحيل الرئيسين و"لكننا لا نريد دغدغة المشاعر، نعرف مواطن الخلل والكويت في حاجة الى شيء ملموس، وقدمنا هذا المشروع كشيء ملموس ولا نريد أن نضحك على الناس”، مطالباً بعدم المزايدة والتشكيك في موقفه هو ومن معه.

وكانت 10 تيارات وائتلافات قد أعلنت في بيان موحد لها مايو 2020 رؤيتها للإصلاح الوطني، في مشهد أوحى بأن المعارضة وراء مطالب واحدة، وقال البيان "إن دستور 1962 لا يزال يمثل أرضية صالحة للحياة العامة في البلاد، ويجب العمل على عدم انتهاكه ووقف محاولات إفراغه من الحد الأدنى المتوافر فيه من المضامين الديمقراطية، ورفض أي محاولات تستهدف المساس بما نص عليه من حريات وحقوق ومكتسبات شعبية واجتماعية وديمقراطية، مع السعي لتطويرها وتعميقها". وأكّد على ضرورة "إنهاء مشكلة البدون في الكويت بشكل نهائي يعطي كل ذي حق حقه و نبذ وتجريم خطاب الكراهية والإقصاء واحترام الرأي والرأي الآخر، والإقرار بأن مكونات المجتمع متنوعة والتأكيد على احترام هذا التنوع والتعامل معه كحقيقة واقعة"، وأشار البيان في حينها إلى أهمية صدور عفو شامل عن كل قضايا الرأي والحريات وعودة أبناء الكويت المهجرين والمنفيين، وإعادة الجنسيات التي سُحبت من المواطنين من دون حكم قضائي نهائي، بالإضافة إلى تعديل قانون الانتخاب الحالي عبر تشكيل لجنة مشتركة من فعاليات المجتمع لصياغته، وإنشاء الهيئة المستقلة للانتخابات، والسماح بتأسيس وإشهار الهيئات السياسية، وإصلاح خلل التركيبة السكانية بما يحفظ الأمن والاستقرار المجتمعي، وتفعيل نظام تكويت الوظائف، وضبط عملية استقدام العاملة من الخارج، وأخيرا؛ ضرورة أن يكون تشكيل السلطة التنفيذية قائم على برنامج تنموي واضح، وأن يكون اختيار الوزراء وفقاً لهذا البرنامج، وبأغلبية برلمانية تعكس القناعة بالمشاركة الشعبية بالقرار السياسي، كما وردَ بالدستور.

ووقّع على البيان كل من المنبر الديمقراطي الكويتي، والحركة التقدمية الكويتية، وحركة العمل الشعبي، والحركة الديمقراطية المدنية، والتيار العروبي، والحركة الشعبية الكويتية، والحركة الدستورية الإسلامية، والحركة الليبرالية الكويتية، وتجمع الميثاق، وتجمع راية الشعب.

مشروعات الإصلاح الوطني

لم يكن المشروع الأخير الذي أعلنته المعارضة هو المحاولة الوحيدة في السنوات العشر الأخيرة، ففي عام 2014 أعلن ائتلاف المعارضة بقيادة "مسلم البراك" أيضاً عن مشروع للإصلاح السياسي يقوم على التحوّل إلى نظام برلماني ديمقراطي كامل، واشتمل المشروع الدعوة إلى تعديلات دستورية لـ 36 مادة من الدستور أبرزها أن يكلف أمير البلاد القائمة الفائزة بالانتخابات البرلمانية بتشكيل الحكومة.

وجاء في مقدمة المشروع أن الكويت تمر بمرحلة غير مسبوقة في تاريخها، "فالفساد دمر سلطات الدولة ونخر مؤسساتها، فأموال الدولة وثرواتها الوطنية مستباحة، والدستور منتهك، والقوانين باتت لعبة في يد السلطة تُستخدم ولا تُطبق، والعدالة تائهة، والحريات العامة مصادرة، فيما ترعى السلطة رعاية مباشرة نشر الفتنة في البلاد في إطار مشروع يستهدف تفتيت المجتمع وتقسيمه، وتكريس الحكم الفرد" حسب تعبيرات المشروع المنشور في الإعلام. وأضاف أنه "منذ إعلان الدستور في عام 1962 والكويت تعيش أزمة سياسية متمثلة بتمدد صلاحيات الأسرة على حساب صلاحيات الشعب وديمومة دفاع الشعب عن حقوقه الدستورية تحول فيها الشعب من خلال البرلمان من الدوربن التشريعي والرقابي إلى التصدي للسلطة السياسية وحلفائها لمحاولاتهم المستمرة للتطاول على المال العام بنزع حرمته وانتهاكها للدستور وقوانين الدولة".

وغلب على طابع مشروع الإصلاح الأول؛ السرد المفصل للواقع الداخلي سياسياً واقتصادياً، حيث استعرض تاريخ البرلمان وصراعه مع السلطة التنفيذية منذ 1967، وانتقاد قانون عام 1980 الخاص بتقسيم الدوائر الانتخابية إلى 25 دائرة، ثم انتقاد لقانون 2012 المشهور باسم قانون الصوت الواحد. فيما أشارت المقدمة إلى أزمة السكن واحتكار الأراضي والرشاوي والفساد وتأخر الكويت في بناء الجامعات، وكذلك أزمة "البدون" المستمرة.

واقتصادياً، أشار المشروع إلى عدم التوازن بين الهياكل والإنتاج مما يجعله عرضة للخلل والاضطراب، وتركيز الثروة في أيدي قلة، مما أدى إلى بروز الفوارق الطبقية بشكل حاد، حسب تعبيراتهم.

أما ملامح الإصلاح المقترح في المشروع نفسه فقد قامت على رؤية واحدة هي "إقامة نظام ديمقراطي برلماني كامل يحقق مبدأ السيادة للأمة مصدر السلطات جميعا"، يتبعها خمسة أهداف هي:

• توفير بيئة دستورية وتشريعية ضرورية لقيام النظام البرلماني الكامل.

• فك الارتباط المخل بين النظامين الرئاسي والبرلماني .

• تفعيل سيادة الأمة على السلطات الثلاث.

• تدعيم الحريات وحقوق الإنسان.

• تطوير سلطات الدولة لتحقيق الحكم الصالح والرشيد ومكافحة الفساد.

واشتهر المشروع في حينها بأبرز مطالبه وهي: تمكين القائمة الفائزة بالانتخابات البرلمانية من تشكيل الحكومة واشتراط نيلها الثقة من ممثلي الأمة لمباشرة أعمالها، وتقييد حق الحكومة بالدعوة للانتخابات البرلمانية المبكرة، وصحة انعقاد جلسات مجلس الأمة دون حضور الحكومة وتقليص صلاحيات إصدار مراسيم الضرورة أو الأحكام العرفية، وزيادة أعضاء مجلس الأمة بما يتناسب مع زيادة القاعدة الانتخابية، وتحديد أدوار واختصاصات وآلية تشكيل الدستورية، وإنشاء مجلس الدولة لتعزيز القضاء الإداري، والنص على أحقية تشكيل الهيئات السياسية في الدستور باعتبارها شرطاً أساسياً في النظام البرلماني الكامل.

أما المشروع الحالي لعام 2022، فقد صدر في نسخة مختصرة من 34 صفحة، بمقدمة شديدة الاختصار عن الواقع الكويتي، مستفتحاً في ديباجيته القول أن "انتخابات الخامس من ديسمبر 2020 أثبتت أن الشعب الكويتي رغم ظروف الوباء وقوة الفساد ونفوذه وتغلغله ومحاولة فرضه كأمر واقع في حياة المواطن اليومية إلا أن عزيمة الشعب لم تكسر ولم تتراجع فكانت نتائج الانتخابات ورسالتها أن إرادة الشعب والفساد لا يجتمعان"، مضيفاً أن المعارضة خلال 10 سنوات تعرضت للملاحقة والسجن والتهجير، ولم تقدم السلطات أي مشروع حقيقي للإصلاح طوال هذه الفترة.

مشيرا في الوقت نفسه أن هدف نشر المشروع الآن لكي يكون تحت رقابة ونظر الرأي العام والشعب مصدر السلطات، ومؤكداً إلى أن "احترام أحكام الدستور هو المدخل الوحيد والمرحلة الأولى والتي يجب أن تتلوها مراحل ضمن جدول زمني محدد للوصول لحالة استقرار سياسي".

فيما أشارت مسودة المشروع إلى أنه مجرد "حزم تشريعية" تتقدم بها المعارضة إلى النواب، منوهة إلى أهمية أن يصاحب هذا العمل التشريعي فتحاً لملفات الفساد ومحاسبة المتورطين باستباحة المال العام، "مع النأي بهذا الملف عن التوظيف للتشويه وتصفية الحسابات السياسية وإنما بحثا عن الحقيقة وتحقيقا للعدالة واسترجاعاً لحق الأمة الذي تم إهداره، كما يجب أن لا نغفل عن استكمال رفع الظلم عمن تم إهدار مواطنتهم وسحب جناسيهم لأسباب سياسية منعا لتكرار مثل هذه الممارسة الظالمة"، حسب تعبير المسودة.

شمل مشروع الإصلاح الأخير 7 محاور أساسية هي: تطوير العمل السياسي، والحريات، ومكافحة الفساد، واستقلالية القضاء، والإصلاح الاقتصادي، والخدمات، والبدون، بالإضافة إلى ملفين ذات أولوية هما: استكمال العفو الأميري عن أصحاب الرأي، واستكمال عودة الجنسيات المسحوبة.

في المحور الأول لتطوير العمل السياسي، اقترحت المعارضة إصدار 4 قوانين هي: قانون المفوضية العليا للانتخابات، وقانون تنظيم الهيئات السياسية، وتعديل لائحة مجلس الأمة، وتعديل قانون الدوائر الانتخابية.

وفي المحور الثاني الخاص بالحريات، اقترح المشروع إصدار 10 تعديلات قانونية أبرزها: تعديل قانون المطبوعات والنشر، وتعديل أو الغاء قانون تقنية المعلومات، وتعديل قانون المرئي والمسموع، وتعديل قانون الجزاء، وإلغاء الحبس الاحتياطي في قضايا التعبير عن الرأي وفي الإساءة للدول الصديقة، وتعديل قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية، وتعديل قانون حظر القيود الأمنية، وتخفيض مدة رد الاعتبار لسنة واحدة لأحكام الجنايات وإلغاء مدة رد الاعتبار لأحكام الجنح، وتعديل قانون تنظيم التجمعات بما يسمح بالتجمعات السلمية.

وفي المحور الثالث لمكافحة الفساد، اقترح المشروع 7 قوانين هي: إقرار قانون حظر تعارض المصالح، وتعديل قانون حق الاطلاع على المعلومات، وتعديل قانون حماية الأموال العامة بوجوب نشر قرارات حفظ التحقيق في قضايا المال العام، وإصدار قانون نشر تقارير أداء سنوية ودورية عن أعمال الهيئة العامة للاستثمار والصناديق الاستثمارية، و تعديل قانون إنشاء هيئة مكافحة الفساد لضمان حماية أكثر للمبلّغ،  إصدار قانون حول تطبيق الإطار الوطني لحوكمة الجهاز الإداري الحكومي، وتعديل قانون جهاز المراقبين الماليين.

وفي المحور الرابع المتعلق بتعزيز استقلالية القضاء، قالت المعارضة أن 9 تشريعات هامة يجب أن تصدر هي: قانون إنشاء المحكمة الدستورية العليا، وإعطاء الحق لكل مواطن للطعن أمام الدستورية، و انون مخاصمة القضاء، وقانون تنظيم القضاء، وتعديل قانون محكمة الوزراء، و إنشاء دائرة بالمحكمة الكلية للنظر بمسائل سحب أو إسقاط الجنسية، و تعديل قانون الجنسية ليكون سحب أو إسقاط أو فقد الجنسية بناء على حكم قضائي بات، ونقل تبعية الأدلة الجنائية والطب الشرعي والمعمل الجنائي للنيابة العامة، وقانون توحيد الدعوى العمومية بضم قضايا الجنح إلى النيابة العامة.

وفي المحور الخامس الخاص بالإصلاح الاقتصادي، اقترح المشروع 7 تشريعات قانونية هي: قانون رفع رسوم أملاك الدولة المقدمة للقطاع الخاص، وقانون فرض ضرائب على أرباح الشركات المساهمة، وقانون اشتراط الإدراج في بورصة الكويت على الشركات المشاركة في المناقصات ذات القيمة العالية، وقانون رفع نسبة العمالة الوطنية لدى القطاع الخاص وسحب الدعم الحكومي من الشركات غير الملتزمة بالنسبة المقررة، وقانون إنشاء شركات حكومية أو مساهمة كويتية لتحويل النفط إلى مشتقات نفطية من أجل تعظيم إيرادات الدولة وتمويل ميزانية الدولة، ومنع زيادة رسوم الانتفاع مقابل السلع والخدمات العامة، وتعديل قانون المناقصات العامة.

وفي المحور الأخير المتعلق بالخدمات، شمل محاور فرعية في الصحة والتعليم والمتقاعدين والتوظيف، ولم يقدم المشروع اقتراحات تشريعية بأغلبها بل توصيات عامة مثل: تقديم رعاية صحية شاملة ومستدامة لكل أفراد المجتمع، و تطوير النظام الصحي من خلال إعادة هيكلة القطاعات الصحية وتحسين بيئة وأنظمة العمل وفقا لمعايير الجودة والشفافية، وتطوير نظم المعلومات الصحية لتأسيس بنية تحتية معلوماتية لمتخذي القرار، وإنشاء كيان اعتباري مستقل تابع للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية يختص بالتمويل الإسلامي لأصحاب المعاشات التقاعدية، وزيادة علاوة المتقاعدين، حوكمة التعليم العالي، وبرنامج سجل الطالب، ورؤية شاملة لربط مخرجات التعليم باحتياجات سوق العمل.

وفيما يخص التوظيف اقترح المشروع أن يتم إصدار قانون تكويت الوظائف العامة، و تعديل قانون دعم العمالة الوطنية بالقطاع الخاص، وقانون الأمان الوظيفي للكويتيين العاملين بالقطاع الخاص.

وأخيرا في محور البدون، اقترح المشروع بندين فقط هما: الحقوق المدنية والاجتماعية لغير محددي الجنسية، وقانون تجنيس المستحقين ومعالجة أوضاع الغير مستحقين.

آراء نقدية للمشروع

يرى بعض الباحثين أن جدوى وتأثير مشروعات المعارضة المتتالية للإصلاح سترتبط بمدى نجاحهم في تقليل الخلاف الداخلي لصف المعارضة، ومدى تبنّي أطياف واسعة من النخب والنواب والناشطين لرؤية الإصلاح التي يعلنها أي طرف. كما أن التركيز على الإصلاح القانوني دون وجود رؤية حاكمة ومقترحات بنائية لكافة الجوانب الأخرى قد يقلل من اهتمام المجتمع للمشروع، حيث تفضّل الشعوب عادة وجود برامج لحل مشاكلهم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، عبر مقترحات عملية لتفكيك التحديات الحقيقية التي تواجههم، وهو الأمر الذي كان أوضح في مشروع عام 2014، حيث بدا من مقدمات استعراض الواقع التفصيلي لحالة الكويت على كافة المستويات، أن المعارضة لديها نبض الشارع وتسعى لتحسين الواقع، وهو مالم يظهر في المشروع الأخير الذي بدا مختصراً جداً في تمهيده، بينما كان الأخير أكثر وضوحا في مقترحات الإصلاح الاقتصادي، واشترك المشروعين في تركيزهما على الإصلاحات الدستورية والتشريعية. كما جاء مشروع 2014 أقل في عدد محاوره وفصل بين الإصلاحات التشريعية والدستورية، لكنه أدرج جدولاً مفصلًا لكل مادة يجب تعديلها وأمامها التعديل المقترح. وبالمقارنة بين مشروعي الإصلاح لعامي 2014 و2022، يمكن أن نستنتج ملامح رؤية المعارضة وتطورها. الجدول المرفق يحاول لفت النظر حول أبرز المشتركات والاختلافات في المشروعين.

 

 

من جانبه وجّه الأمين العام للحركة التقدمية "حمد الأنصاري" رسالة إلى النائب السابق "مسلم البراك" أمين عام "حشد" تضمنت ملاحظات وانتقادات حول ورقة مشروع الإصلاح، أبرزها: أن الورقة تتضمن عناوين لمقترحات قوانين بعضها مطروح على جدول أعمال مجلس الأمة بالفعل، وأشار إلى أن بعض هذه المقترحات بقوانين تحتاج إلى مزيد من البحث والدراسة والتدقيق وتتضمن نواقص وسلبيات لا بد من معالجتها، مثل البند الثاني في محور تطوير العمل السياسي الخاص بقانون إنشاء وتنظيم الهيئات السياسية، الذي كان يجب أن يكون أكثر تحديدا، وهو المطالبة بقانون ديمقراطي لإشهار الهيئات السياسية للعمل على أسس وطنية، بحيث يعزز حرية العمل السياسي ولا يفرض عليها القيود والعراقيل، مثلما هي معظم المقترحات النيابية بهذا الشأن. كما أشار إلى البند التاسع في محور الحريات حول الدعوة لخفض مدة رد الاعتبار على المحكومين في قضايا الرأي والتجمعات والقضايا السياسية، بأن النص المقترح في مشروع الإصلاح يثير الإشكاليات، حيث يطالب بتعديل قانون الجزاء بتخفيض مدة رد الاعتبار لسنة واحدة لأحكام الجنايات وإلغاء مدة رد الاعتبار لأحكام الجنح من دون تفريق بين أنواع القضايا، وهذا يعني أن يتم رد الاعتبار خلال سنة للعديد من المدانين في قضايا الفساد والاختلاسات وخيانة الأمانة والمخدرات والاغتصاب، وسيتمكنون بالتالي من الترشح لمجلس الأمة وتولي المناصب الوزارية، وهو أمر مثير، حسب تعبير الأنصاري الذي علّق أيضا على محور الإصلاح الاقتصادي بوصف الدعوة لخصخصة القطاع النفطي "دعوة خطيرة" ومخالفة لنص المادة الرابعة من القانون رقم 37 لسنة 2010 في شأن تنظيم عمليات التخصيص التي تنص على أنه لا يجوز تخصيص إنتاج النفط والغاز الطبيعي ومصافي النفط ومرفقي التعليم والصحة، ومن شأنها فتح الباب أمام خصخصة القطاع النفطي والمساس بملكية الدولة لهذا القطاع الحيوي وفتح الأبواب على مصاريعها أمام كبار الرأسماليين للسيطرة عليه.

واختتم الأنصاري تعليقاته بالقول بأن المشروع يحتوى على عبارات غامضة تحتاج إلى تفصيل مثل البند الرابع في محور الخدمات الذي ينص على "تطوير منظومة مالية مبنية على بيانات اقتصادية صحية"، وكذلك في المحور السابع الخاص بالبدون، حيث دعا الأنصاري "مسلم البراك" إلى إعادة طرح الاقتراح بقانون الذي سبق له تقديمه بالمجلس عام 2012، أو تبني اقتراح قانون جمعية المحامين بهذا الشأن. كما تساءل في الوقت ذاته عن سبب عدم إدراج قضية فساد "التأمينات الاجتماعية" ضمن قضايا الفساد المذكورة بالمشروع.

في السياق نفسه، يصعب الجزم بمستقبل المعارضة ومدى احتمالية نجاح مشروع الإصلاح الوطني، دون النظر بصورة كلية للأوضاع والمحددات التي ستؤثر عليها. وأوضح تقدير موقف لمركز "منظار" الشهر الماضي، أن التحديات التي ستحدد مستقبل المعارضة في السنوات القادمة تتركز في 5 عوامل أساسية هي:

1. علاقة المعارضة بالشارع والجماهير، ومدى نيتهم إلى الاحتكام إليه مرة أخرى للضغط على السلطات.

2. مستقبل العمل السياسي للنواب السابقين العائدين بعد العفو، حيث أن هناك تعديل رئيسي لقانون الانتخابات لا يزال ساري المفعول يمنع الأفراد الذين أدينوا بتهمة القدح في الأمير من الترشح في الانتخابات المستقبلية.

3. رؤية المعارضة للتعامل مع "مجلس الأمة"، والسلطة التنفيذية، ويبدو أن هناك خلافاً بين المعارضين المشمولين بالعفو الأميري حول هذا الأمر، وبدت تصريحات بعضهم هجومية والبعض الآخر توافقية.

4. موقف المعارضة من القضايا الهامة في البلاد مثل: الفساد والوضع الاقتصادي والتركيبة السكانية وغيرها، وكيف ستقدم المعارضة رؤيتها لحل  المشاكل المزمنة في كافة الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لتنال ثقة المواطنين وتجعلهم يتبنون رؤيتهم.

5. قدرة المعارضة على تنظيم صفوفها وتمتين شعبيتها والاستعداد للانتخابات القادمة، وهو التحدي الأكبر لها خاصة مع ظهور خلافات المعارضة الداخلية للعلن.

 

على الجانب الآخر، يرى البعض أن الدولة يجب أن يكون لها دور وخطوات أسرع  في عملية الإصلاح، استكمالاً للخطوة التي اتخذها الأمير في العفو عن المعارضين والسماح بعودتهم من المنفى، وهي الخطوة التي لاقت ترحيبا وإشادة داخل وخارج الكويت، حيث نزع بها الأمير فتيل عدة أزمات استراتيجية، مثل قطع الطريق على تشكيل كتل معارضة خارج الكويت، وتخفيف حدة النزاع بين الحكومة والبرلمان لمواجهة التحديات القادمة، وتسكين الاستقطابات والاحتقان المجتمعي. ليبقى السؤال مطروحاً: هل يمكن للسلطة رعاية مصالحة وطنية شاملة والدعوة لمؤتمر يشمل القوى السياسية، بحيث تقابل المعارضة في منتصف الطريق وتحشد كل القوى والتيارات تجاه قضايا الكويت الملحة اقتصادياً وسياسياً وإقليمياً؟



المرفقات




المصادر